ان الله سبحانه وتعالى لم يمنح الحرية المطلقة لأعضاء الإنسان
بل جعل لكل عضو حدوداً لا يتجاوزها ..سواء في العينين فيما ينظر إليه فيهما
أو في الأذنين فيما يسمع بهما ..أو في يديه ورجليه وكل أجهزة جسمه
.. إلا للعقل ..
فأعطاه سبحانه الحرية في التفكير ..ولم يجعل له آفاقاً ضيّقة يحشر في داخلها .
فالله تعالى قال للعقل كُن حراً .. فكّر فيما تريد، بلا حدود
فكر في الله.. فكر في كل ما يقوله الآخرون وما لا يقولونه
’ولكن تحمّل مسؤولية فكرك ..
كل إنسان سيقف بين يدي الله تعالى ..ليقدّم حساب عقله قبل حساب جسده
أيدينا وأرجلنا وجلودنا وألسنتنا ستشهد علينا يوم القيامة
أما العقل فعلينا أن نقدّم شهادتنا عنه أمام الله ..كيف فكر وعلى أي أساس .. وما هو منهجه ..
وكيف وصل إلى هذه النتيجة الإيجابية أو تلك النتيجة السلبية ؟
القراءة توسع مدارك عقولنا وتغذي افكارنا ..أنها تعطينا وعي ما أنتجه الآخرون
من خلال ما أطلقوه من تأملات وما قاموا به من تجارب
ومن الضروري أن تكون هذه القراءة قراءةً واعيةً
تستوعب ما تقرأ .. تنقد ما ينبغي نقده ..وتقبل ما يمكن قبوله ..
لأن الآخرين قد يخطئوا في تأملاتهم وقد ينحرفوا ,
ليكن اهتمامنا بالغذاء الثقافي في قراءاتنا تماماً كما هو الغذاء المادي،
فكما أن علينا أن لا ندخل في أجسامنا ما يربك صحتها
علينا أن لا ندخل في عقولنا ما يربك أيضاً الصحة العقلية
..لقد خلق الله الإنسان حراً في عقله وحراً في علمه وحراً في حركته
وعلينا أن لا نستعبد أنفسنا لأحد ..فالله وحده هو المعبود , وهو الذي منحنا الحرية
وسنقدّم حساب هذه الحرية بين يديه،
ليجزينا الأجر على ما أصبنا , ويحاسبنا على ما أخطأنا فيه.