عَلِّمُوهُمْ وَ أدِّبُوهمْ
إنَّ حقَّ الأبناءِ علينَا عظيمٌ، وإنَّ تربيتَهُمْ علينَا واجبةٌ, وإذَا أحْسَنَّا تربيتَهُمْ نفعَنَا اللهُ بِهِمْ فِي الدُّنيَا والآخرةِ, ولهذا قالَ عليُّ بنُ أبِي طالبٍ رضيَ اللهُ تعالى عنْهُ في قولهِ عزَّ وجلَّ : ﴿ قُوا أَنفُسَكُمْ و أَهْلِيكُمْ نَارًا﴾قال : "علموهم ،
وأدبوه" [ تفسير الطبري ] .
لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على غرس القيم الايجابية في أبنائه فهذا ال...حسينُ بنُ عليٍّ رضيَ اللهُ عنْهُمَا يقول حفظْتُ مِنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ )[ الترمذي وقال حديث حسن صحيح] ، فغرس القيم الايجابية في الأبناء من مهمات التربية الرئيسة ،و إن مسئولية تربية الأجيال، و إعداد النساء والرجال مسئولية عظمى، وإن قضية العناية بفلذات الأكباد، وثمرات الفؤاد من النشأ والأولاد قضية كبرى يجب على أهل الإسلام أن يولوها كل اهتمامهم؛ لأن مقومات سعادتهم -أفراداً ومجتمعات- منوطة بها ، و البيت هو الركيزة الكبرى، وعليه المسئولية العظمى في بناء الفرد، وتقع على كاهله تحديد شخصيات الأبناء، وتكوين ملامحهم الإيمانية، والفكرية، والروحية، والأخلاقية ، بتربيتهم منذ نعومة أظفارهم على الإيمان بالله، وجعلهم يستشعرون الأبعاد الحقيقة لكلمة التوحيد، بحيث يكون إيمانهم نابعاً من يقين ومعايشة، وإدراك لحقيقة الربوبية والألوهية، وفهم واضح لمعنى العبودية، ولكن مع شديد الأسف ترى كثيراً من الأسر لا تعنى كثيراً بتأصيل الفهم العقدي الصحيح، زاعمين أن التوحيد من المسلَّمات البدهية التي لا تحتاج إلى مزيد عناية، وتلك -وايم الله- من التسطيح في النظرة، ومن نتائجها توهين الأسس العقدية الصحيحة في نفوس كثير من الأبناء، فعلى الأسرة أن تجتهد في تصحيح سلوكيات أبنائها، وغرس المثل الإسلامية في نفوسهم، وتأصيل الأخلاق الحميدة التي جاء بها ديننا الحنيف، وليكن الأبوان قدوة حسنة لأبنائهم، فلا يكون هناك تناقض بين ما يمارسونه من سلوك عملي، وبين ما ينصحون به أبناءهم .
ونظراً للأخطار المحدقة بأبناء المسلمين من كل جهة وهذا الغزو المدروس الموجه إليهم عبر طوفان من الشهوات والشبهات بات الغيورون يحسبون لأولادهم ألف حساب ويبحثون عن الوسائل والسبل لتكون سفنا صالحة ينجون بها مع أبنائهم ، والإجازة تضاعف المشكلة أكثر عند الكثيرين ويبحثون عن حلول عملية لقضاء أوقات أبنائهم بما يصلحهم ، وحتى لا يصبح الأبناء منهباً لانحرافات الشوارع والضياع في أجواء المناسبات أو الفضائيات ، و لعلنا نشير هنا إلى أهم ما ينبغي أن يركز عليه ولاة الأمور في هذه العطلة ، ومن ذلك :-
1/ حفظ أوقات الأبناء ، بإلحاقهم بالمراكز الصيفية لحفظ القرآن الكريم و يتعلموا فيها المبادئ والقيم واكتساب المعلومات والآداب الصالحة ، و لا تنسى الأسرة دورها في مراجعة ما يدرسه الطالب و تحفيظه ورده اليومي من القرآن الكريم و كذلك عليها أن لا تغفل الجانب العملي بتطبيق ما تعلمه من العلم يبدأ بذلك الأبوين على مرأى و مسمع من الابن .
2/ الوقاية من الانحرافات السلوكية و ذلك بأن يقوم الوالدان بعمل برنامج تربوي ترويحي مناسب لأولادهم بهدف حمايتهم من البرامج المنحرفة، أو تضييع الأوقات أمام القنوات أو الإنترنت ، و القنوات التي تبث الباطل اليوم كثيرة جداً – قنوات إباحية ، شيعية ، تنصيرية ، و قنوات مليئة بالبدع و محدثات الأمور – لذا فالواجب الحذر فالخطب جسيم !!
3/ إذا عرفنا ما بيناه آنفاً فالواجب على الأبوين تجنيب فلذات أكبادهم خطر البث المباشر سواء كان تلفزيوني أو إذاعي – و إن كان لا بد فتشفر جميع القنوات التي تحمل في طياتها السم الزعاف ، و يقتصر فقط على القنوات الطيبة التي تنشر الخير و الفضيلة ، و هذا البث له أثر غائر وعميق على بيوتنا و أسرنا، وكم من فتى أو فتاة تحول منهج حياته الخلقي بسبب سهرة في ليلة واحدة على هذه المحطات.
4/ أن يعمل الوالدان على تقوية أواصر المحبة و الصلة مع أبنائهم بالقرب منهم و التحدث إليهم و إشعارهم بالحنان و المودة ، وبذلك تقوى الرابطة بين أفراد الأسرة ، و حبذا أيضاً لو جمع الوالد أبناءه يومياً أو يوماً بعد يوم ،يسمع لهم ما حفظوه من القرآن الكريم و يقص عليهم القصص النافعة و يدارسهم علوم السنة و سير الرسل عليهم السلام و أخبار الصالحين و غزوات الإسلام و الفتوحات الإسلامية ، و يسمع منهم و يناقشهم ، يا ترى كم ستكون الفائدة ، وكم سيجني الأبناء من دروس و عبر ومكاسب تربوية ؟
5/ إبعاد الأبناء من أصدقاء السوء و الذهاب إلى أماكن الريبة ، و اختيار الرفقة الطيبة الصالحة التي تنفع و تستنفع ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمقَالَ: ((مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ, وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ, وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً, وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ, وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَة )) [ متفق عليه] قال ابن حجر: " وَفِي الْحَدِيث النَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ مَنْ يُتَأَذَّى بِمُجَالَسَتِهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا, وَالتَّرْغِيب فِي مُجَالَسَة منْ يُنْتَفَع بِمُجَالَسَتِهِ فِيهِمَا " .
6/ تعويد الأبناء على المحافظة على أداء الحقوق و على رأسها حق الله تعالى ، و اصطحابهم إلى المسجد لأداء الصلاة مع الجماعة و المشاركة في أعمال البر و الخير .
هذا ما تيسر التذكير به ، اللهم احفظ أبناءنا ووفقهم لكل خير و خذ بنواصيهم للحق و جنبهم الفتن و الشرور ، إنك سميع مجيب .