د. جاسم المطوع
جلست أتأمل كثيراً في حديث للنبي - صلى الله عليه وسلم - يمدح فيه البنات ، ويفضلهن على الصبيان الذكور ، وما كنت أعرف السبب في ذلك حتى اطلعت على
بعض الدراسات والأبحاث التي تبين فائدة البنت ومنافعها ، فعندها بطَل العجب، وكما يقال (إذا عُرف السبب بطل العجب).
أما الحديث فقول النبي - صلى الله عليه وسلم : «من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وضرائهن أدخله الله الجنة برحمته إياهن، فقال رجل: وإن بنتان يارسول الله
؟ قال: وإن بنتان، قال رجل: وإن واحدة يارسول الله ؟ قال: وواحدة».
... والغريب في النص أن الثواب الذي ذكره النبي في تربية البنات لم يذكر فى تربية الأولاد ، وذلك أن البنت إذا كبرت وأصبحت فتاة ثم امرأة ، فهي مصنع (الحب)
وإشاعته ، وعلى قدر تربيتها في الصغر وحسن تنشئتها يكون حبها الذي تفيض به صافياً وعظيماً يدفع الآخرين للنجاح في صناعة الدنيا والتميّز ، ومما يميّز (الحب
الأمومي) أنه لا يضع شروطاً للحب ، ويعطي من غير مقابل ، وهو أساس كل مشاعر الحب الأخرى ، والتي تشكّل حماية وأمن للإنسان ، ومما يعجب له الإنسان أن
الدراسات الحديثة تثبت ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال الذين ترعاهم المستشفيات ولا يحصلون على (الحب الأمومي).
نعم إن (حب الأم) لا يساويه شيء ، ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة» ؛ ولهذا جعل النبي جزاء من يحسن تربية
البنات الجنة ويصبر عليهن ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، فلا بد أن نهتم كأسرة بالبنات لنساهم في استقرارهن وسعادتهن اجتماعياً وصحياً وشرعياً ورياضياً وترفيهياً، ولا
نستغرب مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - (للحب الأمومي) عند نساء قريش - حيث قال فيما يرويه البخاري: إن خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش: (أحناه
على ولد في صغره) (وأرعاه على زوج في ذات يده).
ونلاحظ هنا ميزة صالح نساء قريش (الحب والعطف والحنان) - سواء على الولد أو على الزوج.
بعد هذه الجولة السريعة ، لعل القارئ أدرك معي أهمية تربية البنات، ولماذا بشر النبي لمن صبر عليهن وأحسن تربيتهم بالجنة ، ولم يقل ذلك لتربية الصبي.